مما لاشكّ فيه، أن التطوّر التكنولوجي الحديث، قد ألقى بظلاله على الفكر التربوي، فنرى العديد من التربويين يربطُ ما بين الفكر البنائيّ والتعلّم الإلكتروني؛ إذ أكّد البعضُ على اهتمام البنائية بنُظم الاتصالات الحاسوبية Computer Mediated Communications CMC، وذلك لأهميتها في بناء بيئات تعليمية تعاونية، كما تناول آخرون قضية التعلّم الإلكتروني وأهميته في التربية، من خلال الأنظمة الذكية التي تتعرف على السمات المميزة للمتعلّم، الذي يعدّ حجر الأساس في الفكر البنائي (شحاتة، 2012).

انتقادات لبيئات التعلم المدمج

ومع الميزات الكبيرة التي لا يمكن إنكارها في عالم التقنية، إلا أنه وفي السنوات، الأخيرة ظهرت العديد من الانتقادات لبيئات التعلّم المدمج، وذلك لفشل هذه البيئات في توفير أجواء تعليمية مناسبة للطلاب، من ناحية أنّ هذه البيئات تركّز على التصميم التكنولوجي أكثر من التركيز على التصميم التربوي. ويعتقد الكثيرون أنه "لا جدوى من تصميم التعلّم المرتكز على حلّ المشكلات بوساطة شبكة الانترنت الذي يشبه علبة من الشوكولاتة التي لا فائدة منها إن لم يكن هناك شخص مستعد لفتحها أو أكل محتوياتها" (بادن و ويلكي، 2010). وسواء نظرنا إلى الإيجابيات أو السلبيات فيما يخص التقنيات الحديثة، فإن حسنات التقنيات الحديثة تطغى في عدة جوانب، بالأخصّ فيما يخص توفير الوقت والجهد والمال.

مفاهيم تربوية حديثة

تتنافس الشركات الحديثة في تطبيق بعض المفاهيم التربوية، مثل الصفّ المعكوس Flipped Classroom، والتعلّم المدمج Blended Learning، والتعلّم عن بُعد Distance Learning، وذلك من خلال توفير بعض التطبيقات سواء بشكل مجاني؛ كما تفعل شركة جوجل، أو بشكل مدفوع كما تفعل شركة ميكروسوفت.

الصفّ المعكوس أو المقلوب Flipped Classroom 

يُقصد بالصف المعكوس أو المقلوب Flipped Classroom، أن يقوم الطالب بمشاهدة مادة تحضيرية، والتي عادة ما تكون على شكل فيديو، لما ستتناوله الحصة القادمة، ويتم تخصيص الوقت في غرفة الصف لنقاش أو/وحلّ المشاكل حول الموضوع. في الحقيقة، كانت هذه الاستراتيجية تستخدم للمواد غير العلمية، ولكن مع انتشار واتساع إمكانيات الفيديو والإنترنت، أدّى ذلك إلى تجديد الاهتمام بمواد العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات، وهي ما تعرف بمجموعة STEM. 
STEM: اختصار للكلمات (Science, Technology, Engineering, and Math)، وهو منهج يقوم على فكرة تثقيف الطلاب في أربعة تخصصات محددة وهي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وذلك باتباع منهج متعدد التخصصات وبشكل تطبيقي، بدلاً من تدريس التخصصات كمواضيع منفصلة 

التعلّم المدمج Blended Learning

مع كثرة الحديث عن التعلّم المدمج في الآونة الأخيرة، اعتقد بعضُ التربويين بأنّ ظاهرةً تربويةً جديدةً قد تم اكتشافها. في الحقيقة، ما تم هو دمجٌ لطيف، ما بين التعليم التقليدي في الغرفة الصفية، والتكنولوجيا الحديثة (Rastegarpour, 2011). فلو دمجنا تكنولوجيا الوسائط المتعددة، واللقاءات عبر الفيديو، وغرف الصف الافتراضية، والبريد الإلكتروني، مع الطرق التعليمية التقليدية، والمواد المستخدمة في غرفة الصف، فإننا نحصل على التعلّم المدمج Blended Learning.
ويتميز وضع المادة التعليمية على الإنترنت بعدة مزايا، أهمّها، أنّها تحرّر المتعلّم من القيود الجغرافية، خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق نائية، كما أنّ صيانة المادة التعليمية وتطويرها والتعديل عليها أسهل، لأنّه يتم التعامل مع نسخة واحدة يستخدمها كلّ الطلبة، وبالتالي، فإنّ التعديل لمرة واحدة يصل إلى كلّ المستهدفين دون تكاليف الطباعة والتوزيع. وأخيراً، فإنّ عدد المواد التعليمية الموجود على الإنترنت غير محدود، وكذلك عدد الأشخاص الذين يشاهدون هذه المادة أيضاً غير محدود (Shepherd, 2015).