يعتبر البروفيسور لاري ميشيلسن Larry Michaelsen أول من استخدم منحى التعلم القائم على الفريق في جامعة أوكلاهوما في تخصص إدارة الأعمال، وذلك بسبب العدد الكبير من الطلبة في المحاضرة إضافة الى عدم ارتياح البروفيسور إلى طريقة التلقين في التدريس، حيث كان أنه كان على قناعة بأنه لا بد من تطبيق المعرفة في الحياة بشكل عملي (Parmelee et al., 2012).
يعرّف التعلم القائم على الفريق (TBL) بأنه شكل خاص من أشكال التعلّم التعاوني الذي يتضمن استخدام فرق عمل دائمة طوال الفصل الدراسي. تقوم هذه الفرق أثناء الفصل بأداء أنشطة تحضيرية خارج الصف الدراسي لاكتساب المعرفة الحقيقية والواقعية من الحياة وفهم المفاهيم الأساسية، وفي داخل الصف، يعمل الطلبة مع زملائهم على شكل فرق لتطبيق المحتوى الذي جمعوه، وتحليل نتائجه، وتركيب الأفكار الجديدة للخروج بالنتائج المرجوة (Ng and Newpher, 2020).

كيف نطبق TBL في المدارس؟

في مدارسنا في فلسطين، يمكننا تطبيق التعلم القائم على المجموعات من بطريقتين؛ الاولى عمل فرق من الطلبة تعمل مع بعضها البعض داخل وخارج الغرف الصفية، والثانية -وفي ظل أزمة كورونا التي يمر بها العالم واعتماد التعلم عن بعد- يمكن تقسيم الطلبة إلى مجموعات افتراضية من خلال أي برنامج معتمد في التعليم الإلكتروني كبرنامج ميكروسوفت تييمز MS Teams الذي اعتمدته وزارة التربية والتعليم في فلسطين حديثاً، حيث يمكن من خلال هذا البرنامج إنشاء فرق ومجموعات وتوكيل كل فريق بمهمة مختلفة عن الآخر وإنشاء المهام والواجبات والأنشطة التفاعلية والاختبارات وتقييمها.

تدريس مادة اللغة العربية باستخدام TBL

أعتقد أنه بالإمكان استخدام طريقة التعلم القائم على الفريق في كل المواد لما لهذه الطريقة من فعالية بغض النظر عن محتوى المساق فهي تعتمد بالدرجة الأولى على التعاون بين الطلبة أنفسهم بغض النظر عن "ماذا يدرسون". وكمثال على استخدام هذه الطريقة في التدريس، سأقوم بتوظيفها في تدريس مادة اللغة العربية التي تحتاج إلى نقاش في الإعراب ومعاني الكلمات وتصحيح الأخطاء اللغوية والنحوية وما إلى ذلك من فعاليات.
عدد طلاب الصف ٣٥ طالباً، قمت بتوزيعهم إلى سبع فرق؛ خمسة طلاب في كل فريق، ثم استخدمت برنامج تييمز MS Teams المعتمد في معظم المدارس حالياً والذي يمتلك كل الطلبة والأساتذة حسابات إلكترونية عليه. قمت بتحضير مجموعة من المهام منها ما يحتاج إلى إلى جهد فردي ومنها ما يحتاج إلى التعاون بين أعضاء الفريق الواحد. ثم بدأت بإرسال هذه المهام واحدة تلو الأخرى، ولا أقوم بفتح مهمة جديدة إلا بعد أن يسلم الطلبة المهمة التي قبلها منعاً للتشويش عليهم. بخصوص المهام التي تحتاج إلى فريق، أقوم بإرسال المهمة للطلبة قبل يومين او ثلاثة وأخبرهم بذلك في غرفة الصف أيضاً بحيث نتجاوز مشكلات الطلبة مثل "استاذ لم انتبه إلى الإيميل" أو "لم يصلني البريد الإلكتروني" وما إلى ذلك. عند قدوم موعد المهمة في غرفة الصف، تقوم كل مجموعة بعرض لمدة ٥ دقائق فقط -وذلك لضيق وقت الحصة في مدارسنا- ثم بعد ذلك، يفتح المجال للمجموعات الأخرى لطرح الأسئلة على المجموعة التي قدمت العرض. كما يمكن أن يكمل الطلبة نقاشهم من خلال برنامج تييمز MS Teams من خلال منتديات النقاش التي تم فتحها في بداية الفصل الدراسي. أما تسليم المهام إلكترونيا فيمكن تسليمها من منسق الفريق بالنيابة عن بقية الأعضاء فيه على أن تتم كتابة الأسماء. بهذه الطريقة يمكن استخدام طريقة التعلم القائم على الفريق في مادة اللغة العربية وإدارة نشاطاتها.

مقياس TBL-SAI

هو مقياس طورته الدكتورة هايدي مينينغا الأستاذة المساعدة في كلية التمريض، في جامعة ولاية ساوث داكوتا، بروكينغز (Mennenga, 2012). يعمل هذا المقياس على تقييم الطلبة الذين يعملون ضمن فريق ويرمز له اختصاراً (TBL-SAI) وهي تعني (Team Based Learning - Students Assessment Instrument).
يتضمن المقياس 33 فقرة تهدف إلى التعرف على ثلاثة مجالات: المساءلة Acceptability ويتكون من (8 عناصر)، المفاضلة بين المحاضرة التقليدية ومنحى العمل ضمن فريق Preference for Lecture or Team-Based Learning ويتكون من (16 عنصراً) ورضا الطلاب Students Satisfaction ويتكون من (9 عناصر) بمقياس ليكرت المكون من 5 نقاط الذي يتدرج من (غير موافق بشدة) إلى (موافق بشدة).
تحدث المساءلة Accountability عندما يستعد الطلاب بشكل مسبق للمحاضرة و/أو يساهمون في ذلك مع أعضاء آخرين في الفريق. تشير الدرجة الأعلى إلى زيادة مستوى المساءلة. يشير استدعاء الطالب إلى قدرة الطلاب على استرداد المعرفة المكتسبة مسبقاً لاستخدامها في وقت لاحق.
 أما مجال المفاضلة بين المحاضرة وفريق العمل Preference for Lecture or Team-Based Learning، فينقسم إلى مجالين فرعيين؛ استرجاع المعلومات ومستويات الانتباه. يشير استرجاع المعلومات إلى قدرة الطلاب على استرداد المعرفة المكتسبة مسبقاً لاستخدامها في وقت لاحق. يتم التعرف على مفهوم استدعاء الطلاب من الناحية العملية من خلال 10 فقرات من فقرات مجال المفاضلة، حيث تشير الدرجة الأعلى إلى زيادة مستوى استدعاء الطلاب للمعلومات بعد تطبيق أنشطة التعلم القائمة على الفريق. أما المجال الفرعي الثاني والذي يشير إلى مستويات الانتباه يعرف بأنه قدرة الطلاب على الاستمرار في التركيز على محتوى المساق أثناء كلا الطريقتين؛ المحاضرات التقليدية وأنشطة التعلم مع فريق. يتم تحديد مفهوم مستويات الانتباه بشكل عملي من خلال 6 فقرات من فقرات مجال المفاضلة. حيث تشير الدرجة الأعلى إلى مستوى اهتمام أعلى في أنشطة التعلم القائمة على الفريق.
المجال الأخير رضا الطلاب Students Satisfaction فيشير إلى المشاعر الإيجابية تجاه أنشطة التعلم القائمة على الفريق أو المحاضرة التقليدية. يعرف مفهوم رضا الطلاب عن التعلم القائم على الفريق من الناحية العملية على أنه درجة تزيد عن 30 في مقياس TBL-SAI (Mennenga, 2012).

نقاط القوة والضعف في المقياس

مما لا شك فيه أن المقاييس والأدوات تحمل من نقاط القوة والضعف ما تحمل، ومهما حاولنا فلن نصل إلى ذلك المقياس المثالي تماماً. ومقياس TBL-SAI (راجع جدول 1 في الملاحق) ينطبق عليه ما ينطبق على باقي المقاييس، حيث بتفحص فقراته تجد بعض نقاط القوة وبعض نقاط الضعف.

نقاط الضعف

●وجود بعض الفقرات الموجّهة للاستجابة عليها بطريقة إيجابية، كفقرة (أنا فخور بقدرتي على مساعدة فريقي في تعلمهم) فمثل هذه الفقرة توجّه المستجيب بأن يختار (موافق بشدة) ليحقق الرضا الذاتي عن نفسه، لأن استجابة (غير موافق) فيها منقصة للذات.
●من الصعب تطبيق منحى TBL على المراحل الابتدائية والأساسية؛ لعدم قدرتهم على العمل في فرق وتوزيع المهام وتعيين مسؤول للفريق بسبب عدم نضجهم الكافي للتعامل مع مثل هذه الأمور.
●التقييم يكون للفريق، وهنا قد يحدث بعض الظلم لبعض الطلبة، حيث من الممكن أن يقوم عضو واحد في الفريق بخفض مستوى التقييم لكل الفريق لعدم قيامه بواجباته ومهامه.
●ترى بعض الدراسات التي اختصت بالموهوبين، بأن التعلّم التعاوني قد يكون نقمة عليهم، حيث يرى ديفيز وكولانجيلو (2012) بأن التعلّم التعاوني من حركات الإصلاح المدمّرة للموهوبين! حيث أنّ الطالب الموهوب يشقّ طريقه بمفرده، ولا يحتاج إلى التعاون مع زملائه، ذلك أنّ الموهوبين يتصفون بعدم الرغبة في العمل ضمن مجموعات، لأنّهم يستطيعون التعلّم وحدهم بشكل أسرع، كما أنّ عملهم ضمن مجموعة، قد يضطرهم لإنجاز معظم العمل في المجموعة، إضافة إلى قضاء وقت طويل في تعليم الآخرين الأقل مستوى منهم.
●صعوبة تنسيق لقاءات بين أعضاء الفريق الواحد خارج أوقات الدوام.

نقاط القوة

●وجود فقرات إيجابية وأخرى سلبية في نفس المقياس، مما يساهم في التأكد من صحة الاستجابات وبأنها غير عشوائية (Haidet, Schneider, and Onady, 2008).
●وجود فقرات توكيدية للتأكد من الاستجابة. مثلاً، لم يتم الاكتفاء بفقرة (أتشتت بسهولة أثناء أنشطة TBL) بل اتبعتها مصممة المقياس بفقرة (أتشتت بسهولة خلال المحاضرة التقليدية) لتتأكد من أن الطالب لا يعاني من التشتت اصلاً سواء مع فريق أو بدون فريق.
●عدد فقرات المقياس مناسبة ولا تدعو للملل.


المراجع
•Haidet, P., V. Schneider, and G. Onady. 2008. “Research and Scholarship: Team-Based Learning in Health Professions Education.” Team-Based Learning for Health Professions Education: A Guide to Using Small Groups for Improving Learning 117–32.
•Mennenga, Heidi A. 2012. “Development and Psychometric Testing of the Team-Based Learning Student Assessment Instrument.” Nurse Educator 37(4):168–72.
•Mennenga, Heidi, and Thomas M. Newpher. 2020. “Comparing Active Learning to Team-Based Learning in Undergraduate Neuroscience.” Journal of Undergraduate Neuroscience Education 18(2):A102.
•Parmelee, Dean, Larry K. Michaelsen, Sandy Cook, and Patricia D. Hudes. 2012. “Team-Based Learning: A Practical Guide: AMEE Guide No. 65.” Medical Teacher 34(5):e275--e287.
•الكيلاني، زيد والشريفين، نضال. (2016). مدخل الى البحث في العلوم التربوية والاجتماعية. عمّان، الاردن: دار المسيرة.
•ديفيز، غازي وكولانجيلو، نيكولاس. (2012). المرجع في تربية الموهوبين. (صالح أبو جادو، و محمود أبو جادو، المترجمون) السعودية: العبيكان.